محمد المشَّاط المرابط

د. عبد الله مختار السباعي

 رحل فجر الخميس السادس عشر من شباط/فبراير 2023، الصديق العزيز، ورفيق الدرب الجميل، الأستاذ محمد المشَّاط المرابط، أصيل منطقة الشَّاطئ جنوب ليبيا، والتي منها جاء لقبه الذي عُرف به فنيَّا. وهو من مواليد 1942.

رحل الفنان الهادئ، الخلوق، والمتواضع، صاحب المقدرة الموسيقية الرفيعة المتمثلة بامتلاك النغمة المُطلقة (Absolute pitch)، وهي نادرة الوجود بين بني البشر، وتعني المقدرة على تحديد ومعرفة النغمة بمجرد سماعها بلا الاستعانة بأي مصدر مقارنة، يعني لو استمع مثلا لنغمة دو، أو صول، أو لا ... صادرة من آلة موسيقية، دون أن يرى موقعها يستطيع تحديدها ومعرفتها بدقة تامة. وقد مكنته هذه المقدرة من تدوين الموسيقى وكتابتها بمجرد سماعها، ومن الذاكرة أيضا، ولا يحتاج في ذلك لأن يستعين بأي آلة، كما يفعل أغلب المدونين، وأنا منهم. وقد مكنَّت هذه الموهبة بيتهوفن من كتابة واستكمال بعض مؤلفاته الموسيقية من الذاكرة، بعد اصابته بالصَّمم في آواخر عمره، مُعتمدا في ذلك على هذه المقدرة الرائعة.

تعرّفتُ على المرحوم عام 1967، بعد عودته من دراسة دامت ست سنوات في كونسرفتوار أنقره بتركيا، مُتخصصا في عزف آلتي البيانو والفلوت، بالإضافة إلى الصولفيج.

استمرَّت علاقتنا طوال العقود الماضية، وعملنا معا في لجان تأسيس الفرقة الوطنية للموسيقى، ولجان تقييم المهرجانات الموسيقية المدرسية، ومسابقات الأغنية الليبية، وغيرها من الأنشطة الفنية.  كان المرحوم أستاذا متميزا بمعهد جمال الدين الميلادي للموسيقى والمسرح بمدينة طرابلس، تخرَّج على يديه مئات الطلبة والطالبات، كما عمل كثيرا في مجال صيانة وتعديل وضبط آلة البيانو (المهمة التي كان يُتقنها حصريا في بلادنا) للأجانب، والسفارات، خاصة قبل احتفالاتهم الموسمية.

كتب المرحوم الموسيقى التصويرية لعدد من المسرحيات، والمسلسلات، ولحن العديد من الأناشيد والأغاني.

وختاما، يستحق المرحوم الكثير من السَّرد والتفصيل لمسيرته الفنية الطويلة الرائعة الجميلة.

رحم الله معلم النغم الجميل رحمة واسعة وأدخله فسيح جنانه ...